كانت المخيّمات كلّها مضطربة مغمورة بالسّيول. انهارت الأكواخ. وكان لزاماً في كلّ لحظة تقديم العون إلى عائلات تتخبّط لمحاولة إنقاذ أمتعة عتيقة. لم يكن هناك ملاذ في أيّ مكان. كانت أعلى صخور التلّة ترشح بماء أسود، وعمّال الميليشيا في مآزر ونطاقات من جلد منشغلين بالإنقاذ العامّ. يجهدون في شتّى الجهات في سخاء غير مُجدٍ. بدأ أنجيلو ينزعج من أولئك الرّجال المثقلين على الدّوام ببنادقهم، وبأطفال مبلّلين وذوي إمكانات خطرة. تساءل: "ولكن ما الذي تعيبه عليهم؟ في التلّة الأخرى، هناك، حيث لا يوجد تنظيم ميليشيا، من يهتمّ بإنقاذ الجميع؟ والذي هو وحده في ركن موحش، كيف ينقذ أسرته؟" انهال المطر في كتل لا تني تزداد ثقلاً خلال أربعين ساعة، دون هياج؛ في نوع من السّلام الهادئ. أخيراً دوّى الرّعد دويّاً رائعاً، أي مع تمزّق أحمر جميل ومرتدّ بصورة صعقت الآذان كلّها. انفتحت السّماء. من جهتَي الشّقّ، تراصّت قصور مدوّخة من السّحب ولاحت السّماء زرقاء كأحسن ما تكون. وكلّما ابتعدت قصور السّحب بعضها عن بعض كاشفة عن مزيد من السّماء، تحوّل اللّازورديّ إلى زرقة زهرة جنطيانا، وجعل حشد من أشعّة الشّمس يدور كالدّولاب في أقصى مقدّمة السّحب.